بوابة التجارة
المنشورات

الأضرار والخسائر التي تلحق بالبضائع وآليات التعويض عنها

الأضرار والخسائر التي تلحق بالبضائع وآليات التعويض عنها

تندرج هذه الورقة البحثية ضمن مشروع تسهيل التجارة الفلسطينية الخارجية، الذي ينفذه مجلس الشاحنين الفلسطيني، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الوطني الفلسطيني، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاوكنتاد)، وهي تتمحور حول الأضرار التي تلحق ببضائع المصدرين والموردين الفلسطينيين، والإمكانات المتوفرة للتعويض عن هذه الأضرار، وسبل التقليل منها.

عند انتقال البضائع من بلد الى آخر بوسائط نقل مختلفة، وبظروف مختلفة، تزداد نسبة مخاطر تعرضها للحوادث المختلفة، التي تؤدي إلى تلف البضائع، أو نقصان قيمتها، أو حتى التأخير في وصولها. وتلك المخاطر تختلف من مكان لآخر، ومن زمان لآخر، إلا أن تجارب التجارة الدولية ساعدت في تشخيص الأشكال المختلفة من المخاطر والأضرار التي تلحق بالبضائع، لذا عملت الدول المختلفة والمنظمات الدولية، التي تعنى بالتجارة الدولية على وضع قواعد قانونية موحدة، لمعالجة مسألة الأضرار والمخاطر وسبل التعويض عنها. فمن جهة أبرمت الاتفاقيات الدولية التي تنظم المسؤولية عن البضائع حسب وسيلة النقل (مثل اتفاقية النقل البحري البضائع)، ومن جهة أخرى وضعت اتفاقيات تنظم مسؤوليات الأطراف في التجارة الدولية (مثل اتفاقية فيينا بشأن عقد البيع الدولي)، أضف إلى ذلك، فقد حّددت هذه الدول والمنظمات مسؤولية شركة التأمين في حال التأمين على البضاعة، والتي تنبع من عقد التأمين. أما في حالتنا الفلسطينية، فالتجارة الدولية تواجه تحديات إضافية مختلفة عن تلك المتعارف عليها دولياً، وذلك بحكم الوضع السياسي المتمثل في سيطرة إسرائيل على المعابر الدولية، وخضوع التجارة الدولية الفلسطينية لقوانين تعتبر أجنبية وهي القوانين الإسرائيلية. إن حقيقة عدم وجود سيطرة للسلطة الفلسطينية على المعابر الدولية، تشكل تحديات كبيرة للتاجر الفلسطيني، وتسبب له في المحصلة خسائر مادية مضاعفة، سواء بسبب الأضرار التي تلحق بالبضائع، أو بسبب التأخيرات والاجراءات المعقدة التي يترتب عليها خسائر مادية إضافية. فمثلا، لعدم قدرة التاجر الفلسطيني الوصول إلى الموانئ، لا يمكنه معاينة البضاعة هناك، والتأكد من عدم تضررها، وبسبب نقل البضائع عبر المعابر البرية، وتعرضها للتفتيش الأمني، تواجه البضاعة خطر التلف، وبسبب عدم مقدرة التاجر الفلسطيني على تحرير البضاعة من الموانئ قبل التخليص الجمركي، لذا يكون مضطراً لإبقائها في المخازن الإسرائيلية، وتحمل نفقات التخزين إلى حين استكمال الإجراءات، وبسبب إهمال الجهات المسؤولة في المؤسسات الإسرائيلية، وتباطئها يضطر التاجر الفلسطيني لتحمل نفقات التأخير والتخزين، وبسبب القيود المفروضة إسرائيلياً على الاستيراد، لا يتمكن التاجر الفلسطيني من استيراد كثير من الأصناف الضرورية. إذاً، لا يوجد أدنى شك بأن واقع التجارة الفلسطينية واقع صعب، ومختلف عن أي بلد آخر، وهذا يؤدي بالمحصلة إلى زيادة النفقات والخسائر التي يتكبدها التاجر الفلسطيني، مما دفعنا إلى انجاز هذه الدراسة في محاولة لتشخيص القوانين التي تحكم الأضرار، وتحديد آلية التعويض عنها، وإبراز الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى خسائر إضافية. فبرغم كل الصعوبات التي سنتطرق لها في هذه الدراسة، إلا أن هناك متسعاً للتقليل من الخسائر، من خلال المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بالبضائع، أو عن الخسائر المادية التي يتكبدها التاجر، بسبب إهمال المؤسسات، والجهات الإسرائيلية، أو بسبب التمييز في المعاملة. وهنا تكمن أهمية إجراء هذه الورقة البحثية، التي تستعرض الأضرار التي يمكن أن تصيب بضائع التجار الفلسطينيين، بعد وصولها إلى الموانئ والمطار والمعابر البرية الدولية، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بالإضافة إلى توعية التجار الفلسطينيين بالخطوات القانونية المتاحة، لتعويضهم عن الأضرار التي قد تلحق ببضائعهم، نتيجة الأفعال المتعمدة، أو التقصيرية الصادرة عن الجهات الرسمية، أو الشركات الخاصة أو الأفراد، وحثهم على عدم التردد في اتخاذ الإجراءات القانونية، في حال تعرض بضائعهم للضرر، أو في حال تعرضهم لإجراء غير قانوني، ترتب عليه خسائر مادية. استحدثت السلطات الإسرائيلية بعد احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967، نظاماً قانونياً مكوناً من التشريعات المدنية والأوامر العسكرية، للتحكم في جميع مناحي حياة الفلسطينيين، وفرض سيطرتها المطلقة على الاقتصاد الفلسطيني، وإلحاقه بالاقتصاد الإسرائيلي، وذلك بالتحكم بحركة الأشخاص والسلع من فلسطين وإليها، وبين الضفة الغربية وغزة، وبالتالي فرض السيطرة على كل جوانب عملية التجارة الدولية، بشأن الصادرات والواردات من فلسطين وإليها. يذكر أن النشاط الاقتصادي والتجاري الفلسطيني، خضع للسياسات الإسرائيلية بشكل كامل لغاية إبرام بروتوكول باريس الاقتصادي، بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام .1994 وكان من المفترض أن ينظم البروتوكول العالقات الاقتصادية بين الطرفين، على أساس مبدأ التعاون الاقتصادي، وتقوية البنية الاقتصادية للسلطة الفلسطينية، بتخويلها صالحية وضع السياسات والخطط الاقتصادية، واتخاذ القرارات التي من شأنها النهوض بالاقتصاد الفلسطيني، لتحقيق التنمية، وتلبية احتياجات السكان الفلسطينيين. إلا أن ذلك لم يحدث على أرض الواقع، حيث انقضى ما يقارب خمسة عشر عاماً على انتهاء المرحلة الانتقالية، التي كان يتعين أن تتوج بإنهاء الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية على الأرض التي احتلت عام 1967، ولم يحدث أي تغيير في إنهاء الاحتلال. وعلى إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، شّددت السلطات الإسرائيلية من قبضتها على الفلسطينيين، وفاق تحكمها بالاقتصاد الفلسطيني كل التوقعات، وتخطى كل الحدود، حيث بات مصير الفلسطيني، وسبل تحصيل معيشته مرتبطين كلياً بالسياسات الإسرائيلية، والإجراءات المرتبطة بها أكثر من أي وقت مضى.

تتوخى هذه الورقة استعراض الأضرار التي يمكن أن تصيب بضائع التجار الفلسطينيين، بعد وصولها إلى الموانئ والمطار والمعابر البرية الدولية، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وكذلك المعابر الداخلية المنتشرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ثم مراجعة القوانين والإجراءات الإسرائيلية الناظمة لمسألة التعويض عن الأضرار (جبر الضرر) وتحليل هذه القوانين، لتعريف المصدرين والموردين الفلسطينيين بالأدوات القانونية (القضائية والإجرائية) المتاحة لتعويضهم عن الأضرار، التي قد تلحق ببضائعهم في الموانئ والمعابر الإسرائيلية ج ّراء الأفعال الصادرة عن العاملين فيها، والموظفين الرسميين (موظفي الدولة الأمنيين والمدنيين.) ولتحقيق هذا الهدف، سنقوم بتعريف الأضرار وتبعاتها على المتسببين بها، وحقوق المتضررين، ومن ثم مناقشة أبرز التشريعات الإسرائيلية الناظمة للأضرار كقانون الأضرار المدنية، مسؤولية الدولة لسنة 1952، وقانون الأضرار (صيغة منقحة) لسنة 1968، وقانون المخلصين الجمركيين لعام 1964، ومقارنتها بالقوانين السارية في بلدان أخرى، وبالاتفاقيات الدولية الناظمة لجبر الضرر وتحليل هذه التشريعات. وسيتم التعرض في هذا السياق لكيفية إعمال القوانين والعقود في حال تم انتهاكها، وانتقاء الوسيلة المتاحة لحل النزاعات بين الأطراف، كالوساطة والتحكيم والقضاء، واستعراض أبرز أحكام القضاء الإسرائيلي بخصوص الأضرار، لنبين أهمية استخدام التجار والشاحنين الفلسطينيين للقضاء الإسرائيلي، للمطالبة بجبر الضرر، والتعويض عن الخسائر التي تلحق بشحناتهم خلال تواجدها داخل إسرائيل.

 

للحصول على الدراسة كاملة الرجاء تعبئة طلب العضوية.